كيف استقمنا
في الحج
الحمد لله رب العالمين والصلاة
والسلام على سيد المرسلين
الملاحظ على كثير من الحجاج –ولله الحمد
والمنة- الاستقامة والإنصياع، التام لأوامر
الشرع ،خلال أداء نسكهم
فهم يستجيبون للأوامر، وينتهون عن النواهي،
تجدهم يسألون عن دقائق الأمور
هل كسر الظفر يؤثر على الحج؟
ما حكم الاضطباع، ومتى يكون؟
هل السنة في الدعاء الركوب أم أدعوا وأنا
نازل؟
إلى غير ذلك من الأسئلة التي تشعر من خلالها
أنهم حريصون أشد الحرص على تكميل حجهم
واذكر في حج هذا العام أنا شاب كان معي يسألني
عن كل سٌنة فعلها المصطفى صلى الله عليه وسلم
في حجه
وآخر ليس عليه آثار الاستقامة ومع ذلك كان
حريصاً لحسن ظنه بي أن يسير معي في كل منسك من
المناسك لحرصه عاى تطبيق السنة
وكل هذا من الظواهر المفرحة المبشرة بوجود
الخير في أفراد الأمة وصدق الرسول صلى الله
عليه وسلم: "أمتي كالغيث لا يدري الخير في
أوله أم في آخره "
عندها سألت نفسي كيف استقمنا في الحج وحصل عند
كثير منا التفريط في غير الموسم
لاشك أن هناك أسباباً جعلت كثير من الحجاج
يستقيمون على شرع الله تعالى هذه الأيام
ولعل منها ما يلي:
1) استحضار ثواب
الأعمال:
أن كثيراً من الحجاج ما خرج نحسبهم إلا لطلب
للأجر والثواب
لقد استحضروا أن الحج المبرور ليس له جزاء إلا
الجنة فخرجوا من أجل طلبها .
واستحضروا أن من حج ولم يرفث ولم يفسق رجع من
ذنوبه كيوم ولدته أمه .
فدفعهم هذا المطلب النفيس لإنفاق الأموال
والتضحية بالأوقات وتحمل لصعاب
ولو استحضروا باقي النصوص الدالة على ثواب
الطاعات لقاموا بها بنفوس مطمئنة وقلوب منشرحه
خذ على سبيل المثال:
أعظم مطلب للمؤمن رؤية وجه الكريم في جنات
النعيم وبالمحافظة على صلاتين والمداومة عليها
يفوز المسلم بهذا الفضل الذي لايوازيه فضل
يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم : "إنكم سترن
ربكم كما ترون القمر ليلة البدر فإن استطعتم
أن لا تُغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل
غروبها فافعلوا" يعني صلاة الفجر والعصر
فلماذا لا تحرص على هاتين الصلاتين لتفوز بهذا
الفضل العظيم
تأمل في فضل بقية الأعمال تأمل في الصدقة في
فضل البر في فضل الصلة في فضل تلاوة القرآن في
فضل الذكر في فضل الدعوة وغيرها من العبادات
عندها تندفع لفعلها وتسابق غيرك إليها0
مما أعان الحجيج على
الطاعات تذكر الجنة والنار
لقد دعا حجاج بيت الله الحرام عند الصفا
والمروة وعلى صعيد عرفات وذرفت منهم الدموع
عند المشعر وبعد رمى الجمرات 0
وكان من دعائهم ربنا أدخلنا الجنة واستحضروا
نعيمها وخيرات، ودعوا ربهم اللهم أجرنا من
النار واستحضروا عذابها وأغلالها وسمومها0
وهكذا إذا التزموا بهذه الدعوات صباح ومساء
وكانت الجنة والنار نصب عينهم راغبين في الفوز
بالجنة والنجاة من النار
عملوا لأجل الفوز بهذا المطلب والنجاة من ذلك
العذاب
فاستحضر- يا رعاك الله- قرب الجنة والنار منك
00وفي الحديث: " الجنة أقرب إلى أحدكم من شراك
نعله والنار مثل ذلك"
مما أعان الحجيج على الاستقامة في الحج
استحضار قصر مدة الحج
فهم يعلمون أنها خمسة أيام تقريباً فصبّروا
أنفسهم على الطاعات ومنعوها من الشهوات
ولو استحضروا قصر الدنيا وأنها أضغاث أحلام أو
كطيف زار في المنام وأن المكث فيها قليل
والبقاء فيها يسير لدفعهم هذاالأمر للاستمرار
عل الطاعات بقية عمرهم حتى الممات
قال تعالى: { كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا
عشية أو ضحاها }
ويقول مبيناً قصر عمر الدنيا أيضاً
: {ويوم يحشرهم كأن لم يلبثوا إلا ساعة من
نهار يتعارفون بينهم }
فلئن نظرات أيها الأخ المبارك إلى قصر أيام
الحج و زورت في نفسك أنها أيام قلاقل وصبرت
نفسك عن المعاصي ،فتذكر قصر الدنيا وأنها لا
تساوي شيئاً عند الآخرة .
تذكر أهل القبور مذ كم وهم محبوسون في قبورهم
.
تذكر طول عمر أهل الجنة وطول عمر أهل النار
فاجتهد فيما بقي من عمرك الى مايقربك من ربك
ومولاك
مما أعان الحجاج على الطاعة خلال أيام الحج
الاجتماع عليها
فهم قد اجتمعوا مع أناسٍ أعانهم على الطاعات
فالجميع كان محافظاً على صلاة الجماعة
والكل مشتغل بالطاعات فهذا يصلي نافلة وذاك
يتلوا القرآن وأخر قدجلس يذكر ربه ورابع قد
خلى بمولاه يدعوه خير الدنيا والآخرة فدفعتهم
هذه الصور لأن يتأسوا بهم ويشاركوهم هذا
الطاعات
يذكر لي أحد الأخوة أنه كان معهم شاب كان طول
وقته مشتغلاً بالطاعات فهو إما مصلياً أو
داعياً أو تالياً للقرآن قد وزع وقته على تلكم
الطاعات .
وهذا يذكرنا بأمرين:
الأول: أهمية الجماعة المسلمة .
الثاني: فضل الصحبة الطيبة .
أما أهمية الجماعة
المسلمة
فكم في الشرع من نصوص تحث الاجتماع كقوله صلى
الله عليه وسلم :" عليكم بالجماعة"
فعندما تجتمع الأمة على الخير يكون هذا أعظم
دافع للطاعات0
وأما أهمية الصحبة
الطيبة:
فهنا أرسل إلى كل حاج بل إلى كل مسلم إن يعيد
النظر في صحبتة 0هل هي مما يعينك على الطاعة
فإن كانت كذلك فألزمها
وإلا فلا مساومة على هذا الأمر
لقد ذكر الله الأصحاب وأنهم أعداء يوم القيامة
إلا المتقين فقال تعالى : { الإخلاء يومئذٍ
بعضهم لبعض عدو إلا المتقين}
وذكر فرط حسرة الخليل على صحبة خليلة الذي كان
سبباً في إغوائه و وروده النار فقال تعالى:
{ويوم يعض الظالم على يديه يقول يا ليتني
اتخذت مع الرسول سبيلاً يا ويلتي لبتني لم
اتخذ فلاناً خليلاً * لقد أضلني عن الذكر بعد
أن جاءني وكان الشيطان للإنسان خذولاً}
فأعد النظر –يا رعاك الله- في أصدقائك واستمسك
بالصالحين
والزم غرز المطيعين
مما أعان الحجاج على
الاستقامة خلال أيام الحج
استحضار مراقبة الله لهم
فخافواأن يطلع الله عليهم في حالة لاترضيه
فابتعدواعن كل مايغضبه
فليتذكر الحاج أن الله مطلع عليه في كل وقت
وفي أي مكان
يقول تعالى : { إن الله لا يخفى عليه شيء في
الأرض ولا في السماء }
تذكر إذا همت بمعصية النظر أن نظر الله إليك
أسرع من نظرك إلى تلك المعصية
تذكر أن سمع الله إليك أقرب من سمعك إلى تلك
المعصية
إذا ما خلوت الدهر يوماُ ***
فلا تقل خلوت ولكن قل علي رقيب
ولا تحسبن الله يغفل ساعة *** ولا أن ما تخفيه
عنه يغيب
مما
أعان الحجيج على الاستقامة خشيتهم من بطلان
عملهم
فهم تعبوا خلال هذه الفترة وأنفقوا أموالهم
وفارقوا أوطانهم فخافوا أن تُرد عليهم أعمالهم
فحرصوا كل الحرص على تكميل الحج وأداء النسك
فأقول لهم أيضاً
ينبغي أن تكون هكذا أيها المسلم على الدوام
خائفاً من رد عملك راجياً قبوله ولا يكون ذلك
إلا بالبعد عن المعاصي والمحرمات التي بلا شك
لها تأثيرها على البالغ على قبول سائر الأعمال
.
ختاماً:
أقول لك أيها الحاج المبارك
وقد استقمت على طاعة الله ومنّ الله عليك بهذه
العبادات
تذكر فضل الله عليك إذ منع غيرك عن طاعته
وأذِن لك لتطيعه
تذكر منة الله عليك فو الله لو أنفقت ملء
الأرض ذهباً ما وفيت شكر هذه النعمة
وأعلم أن من علامات القبول متابعة الحسنات
وتوالى الطاعات .
وتذكر أن الأعمال بالخواتم
ختم الله لنا بخير وتقبل الطاعات وتجاوز عن
الهفوات إنه سميع قريب مجيب للدعوات
|